عدنان بن عبد الله القطان

11 جمادى الآخرة 1443 هـ – 14 يناير 2022 م

—————————————————————————

الحمدُ لله فارجِ الهمِّ، وكاشفِ الغمِّ، مجيبِ دعوة المضطَرّين، نحمدُه سبحانه ونشكره، وهوَ الملك الحقُّ المبِين، ونشهَد أن لا إلهَ إلاّ الله وحدَه لا شريكَ له، ونشهَد أنَّ سيّدَنا ونبيَّنا محمَّداً عبد الله ورسوله، إمامُ الأنبياء وقدوَةُ الأتقياء، وقائدُ الغرِّ المحجَّلين، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آلِه وأزواجه، وأصحابه، الأئمّةِ الأبرار المتَّقين، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.. أمّا بعد: فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى اتقوا الله واعملوا بقوله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ).

معاشر المسلمين: إن المصائب والفتن، اختبارات تبين مدى ما يمتلك العبد من الإيمان، وهي ضرورة للمؤمن، تشحذ همته، وتقوي إيمانه… ولعل من حكمة الابتلاء أنه فرصة لمراجعة حسابات مضت، ووقفة أمام تطلعات لمستقبل آت… فالابتلاء يزيد المرء نضوجاً وصلابة، والدعاة الصادقين ثباتاً وعمقاً، ولن يكون الابتلاء شراً للمؤمنين أبداً، فهو خير يسوقه الله لعباده، ليعودوا وقد علتهم عزة الإيمان التي يمتلكونها، وما هي إلا لحظات حتى نرى أنها زالت على شموخها، وقد سقط كل ما حولها وتحول إلى رماد… ونبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم مر به عدد من الابتلاءات والمحن، منذ بعثه الله جل وعلا بهذا الدين، لكن أقسى محنة كانت هي حادثة الإفك والكذب والافتراء، على أم المؤمنين السيدة الطاهرة عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها وأرضاها.

تلك الحادثة التي كشفت عن شناعة جرم المجرمين وبشاعته، وهو يتناول بيت النبوة الطاهر الكريم، ويتناول عرض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أكرم الخلق على الله، ويتناول عرض الصدّيق أبي بكر رضي الله عنه أقرب صحابته عليه، ويتناول عرض رجل من الصحابة وهو صفوان بن المعطل رضي الله عنه ويشغل ذلك الحدث المسلمين بالمدينة شهراً من الزمان، هذا الحادث الذي جلب الهموم والآلام لقلب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلب زوجته الطاهرة المطهرة عائشة رضي الله عنها وقلب أبي بكر الصديق، وقلب صفوان، شغلتهم هذه الحادثة شهراً كاملاً… وملخص القصة كما رواها الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما: عن أمنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفراً أقرع بين أزواجه، فأيّهن خرج سهمها خرج بها معه، قالت عائشة: (فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج فيها سهمي، فخرجت معه بعد ما أنزل الحجاب، فكنت أُحمل في هودجي وأنزل فيه، فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوته تلك، ودنونا من المدينة قافلين (أي راجعين)، آذن ليلة بالرحيل (أي أعلمنا بأنه السفر) فقمت حين آذنوا بالرحيل، فمشيت حتى جاوزت الجيش. فلما قضيت شأني (أي قضيت حاجتي) أقبلت إلى رَحلي، فلمست صدري فإذا عقد لي ثمين قد انقطع، فرجعت فالتمست عقدي فحبسني (أي أخرني) ابتغاؤه والبحث عنه، قالت: وأقبل الرهط فاحتملوا هودجي فرحلوه ووضعوه وثبتوه على بعيري الذي كنت أركب عليه، وهم يحسبون أني فيه، وكان النساء إذ ذاك خفافاً لم يغشهنّ اللحم، فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه وحملوه، وكنت جارية حديثة السنّ، فبعثوا الجمل فساروا ووجدت عقدي بعدما سار الجيش، فجئت منازلهم وليس بها منهم داع ولا مجيب (أي ليس بها أحد)، فرجعت إلى مكاني الذي كنت فيه، وظننت أنهم سيفقدونني فيرجعون إليّ، فبينما أنا جالسة في مكاني غلبتني عيني فنمت، وكان صفوان بن المعطل من وراء الجيش،(أي تركه الرسول صلى الله عليه وسلم وراء الجيش ليجمع ما تخلف من متاع الجيش)، فسار أول الليل فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان نائم فعرفني حين قد رآني، وكان قد رآني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني،(أي بقوله إنا لله وإنا إليه راجعون) فخمّرت وجهي بجلبابي، ووالله ما كلمني كلمة، ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه، حَتَّى قرب الراحلة لي ورَكِبَت إلى أنْ وَصَلتُ إلى الجَيْشِ الذي كان قدْ سَبَقَهما. قالت عائشة: فهلك من هلك في شأني:(أي من تكلم في عرضي) وكان الذي تولى كبر الإفك (أي معظمه) عبد الله بن أبيّ بن سلول.(المنافق) قال عروة بن الزبير: أُخْبِرْتُ أنه كان يُشاع ويُتحدث به عنده، فيُقره ويستمعه ويستوشيه وينشره. قالت عائشة رضي الله عنها: (فقدمنا المدينة فمرضت  حين قدمت شهراً، والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك لا أشعر بشيء من ذلك، وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف (أي الرفق والشفقة) الذي كنت أرى منه حين أمرض، إنما يدخل عليّ فيسلم، ثم يقول: (كيف حالك؟). ثم ينصرف، فذاك الذي يريبني ولا أشعر بشيء، حتى خرجت بعدما نقَهت.(أي تماثلت للشفاء) فخرجتْ معي أم مسطح (خادمتها)، فانطلقت أنا وأم مسطح، فأقبلت معها قبل بيتي حين فرغنا من شأننا، فعثَرت أم مسطح في ثوبها وكادت تسقط، فقالت: (تعس مسطح) فقلت لها: بئس ما قلت! أتسبين رجلاً شهد بدراً؟ فقالت: أي هنتاه (أي يا هذه) أولم تسمعي ما قال ومن معه؟  قلت: (وما قال؟ فأخبرتني بقول أهل الإفك فيّ . قالت: (فازددت مرضاً على مرضي، فلما رجعت إلى بيتي ودخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم، ثم قال: (كيف حالك؟ بفتور). فقلت له: أتأذن لي أن آتي أبويِّ؟ قالت: (وأنا حينئذٍ أريد أن أستيقن الخبر من قِبلهما) قالت: (فأذن لي) فجئت أبويّ فقلت لأمي: يا أماه، ماذا يتحدث الناس؟ قالت: يا بنية هوني عليك فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة (أي حسنة جميلة) عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا كثرّن عليها الكلام، قالت: فقلت: سبحان الله، أو لقد تحدث الناس بهذا؟ قالت: فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع (أي لا ينقطع) ولا أكتحل بنوم (أي من السهر) حتى أصبحت أبكي، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي،(أي تأخر نزوله) يسألهما ويستشيرهما في فراق أهله، قالت: فأما أسامة فأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة أهله، فقال: يا رسول الله: (أهلك ولا نعلم والله عنهم إلا خيراً). وأما علي فقال: (يا رسول الله لم يضيّق الله عليك والنساء سواها كثير) وإن تسأل الجارية تصدقك، قالت: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة (الجارية): فقال: (أي بريرة، هل رأيت من شيء يريبك من عائشة؟ قالت له بريرة: لا والذي بعثك بالحق ما رأيت عليها أمراً قط  أعيبه عليها،  غير أنها جارية حديثة السن تنام عن العجين فتأتي الطيور والدجاج فتأكله.. قالت: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه فاستعذر من عبد الله بن أبيّ وهو على المنبر،(أي طلب من يعذره منه، أي ينصفه) فقال: (يا معشر المسلمين، من يعذرني من رجل قد بلغني عنه أذاه في أهل بيتي ؟ فوالله ما علمت على أهلي إلا خيراً، ولقد ذكروا رجلاً (يعني صفوان) ما علمت عليه إلا خيراً، وما كان يدخل على أهلي إلا معي).  قالت: فقام سعد بن معاذ الأنصاري فقال: (أنا يا رسول الله أعذرك منه، فإن كان من الأوس ضربت عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج، أمرتنا ففعلنا أمرك)… قالت: (فبكيت يومي ذلك كله لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم حتى إني لأظن أن البكاء فالق كبدي) فبينما أبواي جالسان عندي وأنا أبكي، دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا فسلم ثم جلس، قالت: ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها، وقد لبث شهراً لا يوحى إليه في شأني بشيء. قالت: فتشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس، ثم قال: (أما بعد: يا عائشة، فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه). قالت: فلما قضى مقالته قلص (انقطع) دمعي حتى ما أحس منه قطرة، فقلت لأبي: أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم عني فيما قال. فقال أبي: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقلت لأمي: أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال؟ قالت أمي والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت وأنا جارية حديثة السنّ لا أقرأ من القرآن كثيراً: (إني والله لقد علمت، أنكم قد سمعتم بهذا الحديث، حتى استقر في نفوسكم وصدقتم به، فلئن قلت لكم إني بريئة لا تصدقوني بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني منه بريئة لَتُصَدِّقونُنِّي، وإني والله ما أجد لي ولكم مثلاً إلا كما قال أبو يوسف (أي يعقوب عليه الصلاة والسلام) حين قال: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ) ثم تحولتُ فاضطجعتُ على فراشي، والله يعلم إني حينئذٍ بريئة، ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحياً يتلى، ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله فيّ بأمر يتلى ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله  صلى الله عليه وسلم  في النوم رؤيا يبرئني الله بها، فوالله ما رام (أي ما فارق) رسول الله  صلى الله عليه وسلم  مجلسه ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل الله عليه، فأخذه ما كان يأخذه من الشدة والمشقة عند الوحي،(أي شدة الكرب عند نزول الوحي) حتى إنه ليتحدر منه من العرق مثل الجمان  وهو في يوم شاتٍ من ثقل القول الذي أنزل عليه، قالت: فسرِّي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك فكانت أول كلمة تكلم بها أن قال: (ابشري يا عائشة أما الله فقد برّأك) قالت: فقالت لي أمي: قومي إليه، فقلت: والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله عز وجلّ فهو الذي أنزل براءتي، قالت: وأنزل الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالإفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإثْمِ، وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ).. العشر الآيات التي في سورة النور… فلما أنزل الله هذا في براءتي، قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره: والله لا أنفق على مسطح شيئاً أبداً بعد الذي قال لعائشة ما قال. فأنزل الله: (وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).. قال: أبو بكر الصديق: (بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي) فأرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه، وقال: (والله لا أنزعها منه أبداً). هذه عباد الله، هي قصة وحادثة الإفك بتمامها، والمعاناة بكاملها، روتها أمنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها… ولنا معها دروس وعبر، في الخطبة الثانية بإذن الله تعالى، والحمد لله رب العالمين .

نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي سيد المرسلين، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأزواجه وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد فيا أيها المسلمون: تلك القصة العجيبة، والحادثة الأليمة، تحمل في طياتها العديد من الدروس والعبر.

 الدرس الأول: درس في الثبات والصبر على البلاء .. لقد رأينا كيف كان وقع هذه الحادثة الأليمة على أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى زوجتِه الصديقة الطاهرة، رضي الله عنها، التي كاد قلبها أن ينفطر من الحزن والبكاء، وعلى صاحبِه أبي بكر، الصديقِ التقي ، السابق الوفي ، أحبِ الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم .. فقد عانى أبو بكر وزوجته من الألم والحزن، ما لم يعانيه من قبل، حتى قال: أمر لم نتهم به في الجاهلية، أفنرمى به في الإسلام؟ وكان الألم يعتصر في قلب صفوانَ بنِ المعطل، وهو يُرمَى بخيانة بيت النبوة؟ وهتك عرض من يحبه حباً عظيماً بعد الله عز وجل… ومع شدة البلاء إلا أنهم جميعاً واجهوه بالصبر والثبات حتى أنزل الله تعالى الفرج من عنده

الدرس الثاني: درس في التثبت في نقل الأخبار والأحكام، والحذر من الخوض في أعراض المسلمين بغير حجة أو برهان، أو إشاعة مثل هذه الأخبار غير الموثوقة في المجتمع، بل الواجب على المسلمين أن يظنوا بأنفسهم وإخوانهم خيراً، ولا يعتمدوا على سوء الظن وقالة السوء، التي ينشرها المنافقون في المجتمع وأن يطهروا أسماعهم وأبصارهم وألسنتهم من هذا البهتان العظيم، ثم إن كانت لديهم البينة على من أشاع ذلك، فليطلبوا معاقبة من ينقل هذا البهتان من المنافقين أو المخدوعين من المسلمين..

 الدرس الثالث: بيان خطر المنافقين على المجتمع المسلم، كما وقع من رأس النفاق عبد الله بن أبي بن سلول ، ومن وراءه من المنافقين واليهود الذين كانوا يتآمرون على الإسلام والنبي صلى الله عليه وسلم ، فلما باءت كل محاولاتهم بالفشل لجئوا إلى هذا الأسلوب الخسيس، بأن يشككوا في أطهر وأشرف بيت عرفته البشرية إلى يومنا هذا، بل وإلى قيام الساعة، فهؤلاء في الحقيقة لا حظ لهم من الإسلام ، فهم أول المكذبين بالقرآن، الذي برأ أمنا الصديّقة عائشة من فوق سبع سموات، وهم أول الطاعنين في عرض النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

الدرس الرابع: لطفُ الله تعالى بعباده، ودفاعُه عن أوليائه، فقد برأ الله سبحانه وتعالى الصديقة بنت الصديق من فوق سبع سماوات، وأعلى ذكرها، وأنزل في براءتها وفضلها آياتٍ في سورة النور، تتلى إلى قيام الساعة، رضي الله عنها، ولعن الله من افترى وكذب وزور ودلس عليها.

الدرس الخامس: بيان سنة من سنن الله الجارية في الكون، وهي أن الطيبين يجعلهم الله من نصيب الطيبات، والطيبات يجعلهم الله من نصيب الطيبين، يقول تعالى: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ، وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ، وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ، أُوْلَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)… الدرس السادس: ضعف النفوس، وحاجتها إلى التثبيت من الله تعالى عند الابتلاء. وإذا كان بعض الصحابة رضي الله عنهم، قد زلت بهم القدم، فخاضوا مع الخائضين في الإفك، فإن غيرَهم من باب أولى فالحذر الحذر من الولوغ في أعراض المسلمين، والحذر الحذر من اللسان،  فإن اللسان كالثعبان، يهلك الإنسان  متى ما أطلق له العِنان… الدرس السابع: أن هذه الأمة لا تزال مستهدفةً في رموزها ومقدساتها ، وكل ما يتعلق بدينها ، ولا تزال الحملات المغرضة توجِّه سهامَها إلى الإسلام أو القرآن أو جناب النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته الطيبين الطاهرين أو صحابته الغر الميامين أو الطعن في العلماء أو الدعاة أو المتمسكين بالدين ، بتلفيق التهم ضدهم، ورميهم في أعراضهم وفي أنفسهم، ولكن الله يدافع عنهم، ويرد كيد أعدائهم في نحورهم، ويزيد أنبياءه وأولياءه الصالحين رفعة في الدنيا وثواباً في الآخرة، (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ۚ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ)  نسأل الله تبارك وتعالى أن يثبت قلوبنا على الإيمان والتقوى، وأن يعصم ألسنتنا من الإفك والافتراء والكذب والقذف، وأن يعصمنا من الزلل والمعاصي ما ظهر منها وما بطن، اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم أهدنا لأحسن الأخلاق والأقوال والأعمال لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها، لا يصرف عنا سيئها إلا أنت يارب العالمين.. اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين... اللهم أحفظ بلادنا البحرين واجعله آمناً مطمئناً سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين. اللهم وفق ولاة أمورنا لما تحب وترضى، وفق ملكنا حمد بن عيسى وولي عهده رئيس وزرائه سلمان بن حمد، اللهم أعنهم على أمور دينهم ودنياهم.  وهيئ لهم من أمرهم رشداً، وأصلح بطانتهم. ووفقهم للعمل الرشيد، والقول السديد، ولما فيه خير البلاد والعباد إنك على كل شيء قدير.. اللهم ارفعْ وأدفع عنَّا البَلاءَ والوَباءَ والغلاء والرِّبا والزِّنا والفواحشَ والزَّلازلَ والمِحَنَ والفتنَ وسَيءَ الأسقَامِ والأمراضِ عن بلدِنا البَحرينِ خاصةً، وعن سَائرِ بلادِ المسلمينَ والعالم عامةً يا ربَّ العالمينَ. اللهم كن لإخواننا المستضعفين المظلومين في كل مكان ناصراً ومؤيداً، اللهم أحفظ بيت المقدس وفلسطين والمسجد الأقصى، وأحفظ أهله، وأحفظ المصلين فيه،  واجعله شامخاً عزيزاً عامراً بالطاعة والعبادة إلى يوم الدين

اللهم اغفر ذنوبنا، واستر عيوبنا، ونفس كروبنا، وعاف مبتلانا، واشف مرضانا، واشف مرضانا، وارحم موتانا، وارحم موتانا،  برحمتك يا أرحم الراحمين.

الْلَّهُمَّ صَلِّ وَسَلَّمَ وَزِدْ وَبَارِكَ عَلَىَ سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ. (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ  وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)

خطبة جامع الفاتح الإسلامي – عدنان بن عبد الله القطان – مملكة البحرين